### أُغْمِضُ عَيْنَيَّ عَنِ الدُّنْيَا وَمَافِيهَا
![]() |
### أُغْمِضُ عَيْنَيَّ عَنِ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا
يَا حُبَّذَا نَوْمٌ يُرَافِقُهُ الكَسَلْ وَلَذَّةٌ فِي الرُّوحِ تَغْشَى المُقَلْ
أَرْنُو إِلَى الفِرَاشِ فِي شَوْقٍ لَهُ كَمَا يَرْنُو مُحِبٌّ ضَاقَ بِالمَلَلْ
يَقُولُ لِي العُذَّالُ: قُمْ وَاجْهَدْ، فَفِي حَيَاتِنَا سَعْيٌ وَلَا وَقْتَ لِلْخَمَلْ
فَأُجِيبُهُمْ وَالجَفْنُ يَثْقُلُ رَغْبَةً: "دَعُوا السَّعْيَ لِأَهْلِهِ، أَهْلِ
العَجَلْ"
فَلَيْسَ فِي الدُّنْيَا كَلَحْظَةِ رَاحَةٍ تُنْسِيكَ هَمَّ الأَمْسِ أو مَا قَدْ حَصَلْ
الكَسْلُ فَنٌّ لَا يُجِيدُ فُصُولَهُ إِلَّا حَكِيمٌ عَارِفٌ سِرَّ الأَزَلْ
يَرَى فِي التَّبَاطُؤِ حِكْمَةً وَبَصِيرَةً وَفِي العُجَالَةِ كُلَّ زَيْغٍ أَوْ زَلَلْ
وَمَمْلَكَتِي فِرَاشٌ دَافِئٌ وَوِسَادَةٌ هُمَا لِيَ الحِصْنُ المَنِيعُ وَالمَعْقِلْ
أُغْمِضُ عَيْنَيَّ عَنِ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا مِنَ الأَكْدَارِ وَالخَطْبِ الجَلَلْ
يَا سُلْطَةَ النُّعَاسِ حِينَ تَزُورُنِي تَأْتِي كَوَحْيٍ هَادِئٍ ثُمَّ اكْتَمَلْ
تَسْرِي بِأَعْضَائِي فَتُرْخِي قَبْضَهَا كَأَنَّهَا تَرْوِي حِكَايَاتِ الأَمَلْ
أَطُوفُ فِي الأَحْلَامِ دُونَ وِجَاهَةٍ أَزُورُ أَقْوَامًا وَأَجْتَازُ الدُّوَلْ
فَلَا رَقِيبٌ فِي مَنَامِي يَرْتَجِي مِنِّي جَوَابًا أَوْ يُحَاسِبُ عَنْ عَمَلْ
وَأُؤَجِّلُ الأَعْمَالَ دَوْمًا لِلْغَدِ فَالْيَوْمُ لِلرَّاحَاتِ لَا لِلْمُفْتَعَلْ
يَقُولُونَ: فِي التَّأْخِيرِ آفَةُ شَأْنِنَا وَأَقُولُ: بَلْ فِيهِ السَّلَامَةُ مِنْ خَلَلْ
وَإِذَا الصَّبَاحُ أَتَى بِنُورٍ سَاطِعٍ أَدَرْتُ وَجْهِي نَحْوَ ظِلٍّ مُنْسَدِلْ
أَتَثَاءَبُ الكَسْلَى وَأَمْطُطُ قَامَتِي وَأَقُولُ: يَا لَيْتَ الدُّجَى لَمْ يَرْتَحِلْ
فَدَعُونِي فِي هَنَائِي غَارِقًا بَيْنَ الوِسَادَةِ وَالكَرَى، أَحْلَى الحُلَلْ
فَالْعُمْرُ أَقْصَرُ مِنْ مُطَارَدَةِ المُنَى
وَخَيْرُهُ مَا كَانَ فِي نَوْمٍ طَوَلْ |